وقفات مختصرة مع بعض
تناقضات وتقريرات سالم الطويل
(( الوقفة السادسة ))
هذه الفائدة من إشارات
الشيخ الفاضل خالد عبدالرحمن جاد واجتهاد بعض الأخوة حفظهم الله ووفقهم لكل خير
سالم الطويل بين جواز حضور
حلقات القرآن لجماعة إحياء التراث وبين إنكاره حضور حلقات سائر الجماعات بعلل هي
موجودة بعينها في جمعية إحياء التراث!
من المعلوم لكل سلفي
تقرير كبار علمائنا كالألباني وابن باز والعثيمين بتحريم التعاون مع الجماعات
الإسلامية في أنشطتها الدعوية ولولا أن طابع هذه الوقفات الاختصار لنقلت لكم من
فتاويهم ما يسر كل سلفي ويكدر كل خلفي.
سالم الطويل لا يمانع من
حفظ القرآن عند الحلقات الخاصة بجمعية إحياء التراث[1]، ففي جلسة جمعته مع مجموعة
من الشباب السلفيين في بريطانيا المفارقين لجمعية إحياء التراث بفضل الله تعالى ثم
بفضل اتصالهم بالعلماء الكبار كالربيع والجابري حفظهم الله وجهود الشيخ الفاضل
محمد العنجري حفظه الله بما يقيمه لهم من دروس وتوجيهات وزيارات عدة؛ أراد سالم
الطويل أن يكسر هذا الفرقان لديهم، ويهون من شأن هذه الجمعية البدعية، بزعمه تارة
أن أكبر ما نجد عليها هي الحزبية وهذه لا تخلو من كل النفوس حتى نفوس الصحابة![2]، وزعمه مرة بأن بدعها ليست
كبدع الجهمية والزنادقة لننزل آثار السلف عليهم![3]، وزعمه مرة بأنك لا تسئل
عن التراث في قبرك وأن الإكثار من الرد عليهم لا يزيد في الإيمان ويجب أن يكون
الرد بمقدار الملح في الطعام -لا بمقدار تلبيسهم وحاجة الناس للكلام-[4]، وزعمه مرة بأنه لا مانع
من التعاون معها وإرسال أبنائنا لحلقاتهم لحفظ كتاب الله!، كل هذه المحاولات
اليائسة في تلكم الجلسة لكسر هيبة هذا الفرقان الذي استقر في نفوس أولئك الشباب.
قال سالم الطويل في جلسة
بريطانيا: "يوم من الأيام اتصل فيني محمد العنجري جلست معاه چان يقولي: أنت
يتصلون فيك نساء يقولون هل يجوز أن نقرأ قرآن مع حلقة نسائية أو نساء (ألو، السلام
عليكم، الشيخ سالم الطويل؟ إي نعم، يا شيخ يجوز نقرأ قرآن مع حلقة عند إحياء
التراث؟) أنت تقولهم: نعم يجوز، هو الحين مثل ما تقول ماسك علي ممسك، قلت: نعم،
أقولهم: نعم يجوز، بس أنا بسألك سؤال: إذا رب العالمين يوم القيامة أوقفني قال:
عبدي لما قلت لا تقرؤوا القرآن معهم؟ فماذا أقول؟ قلتله: ماذا أقول إذا سألني الله
يوم القيامة لماذا قلت لفلانة اتصلت فيك: أريد أقرأ كتاب الله مع هؤلاء فقلت لها
لا تقرئين؟ ماذا أقول؟ والله لو الجدار يتكلم هو يتكلم، شفت العنجري ها إلي ما
أدري إيش إلي تارس الدنيا انترنت وهذا والله ما تكلم. قلتله: انطق، ماذا اقول لله
إذا سألني الله؟ وقلت له: لأ، لا يجوز أن تقرؤوا القرآن مع إحياء التراث؟، انطق،
قلت: انطق، تكلم، تدري إيش قال آخر شي؟ قال: خلاص بلغت، يعني خلاص عرفت شنو أنت
موقفك، بس ما في جواب، إذا كان هذا لا يجوز ها؛ فأتني بفتاوى العلماء أنه لا يجوز
فأتني بشي يخلصني من رب العالمين يوم القيامة " ا.هـ[5]
ولما رددنا عليه ذلك
ونقلنا له كما طلب فتوى سماحة الشيخ عبيد الجابري حفظه الله بالمنع من حضور حلقات
جمعية إحياء التراث[6]؛ أصر سالم الطويل على
قوله فقال في لقاء آخر: "الشيخ العنجري يقول لي: أنت تتصل فيك امرأة تقول لك:
يجوز أقرأ القرآن مع إحياء التراث؟ تقولها يجوز، أنت تقولهم. قلت له: نعم، أنا
أقول يجوز، وأنا أسألك ما يجوز؟ ما يجوز؟ سكت، قلت له: ما يجوز؟! قلت له: إذا
سألني رب العالمين يوم القيامة؛ عبدي لما منعت أمة الله أن تقرأ القرآن ماذا أجيب؟
قلت له: جاوبني؟ قلت له: أنت عبد ما عندي جواب لو سألتني هذا السؤال، فكيف أجاوب
الله؟ " ا.هـ[7]
كان المتوقع ممن يطلب فتاوى
العلماء التي تخلصه بين يدي الله موهما السامعين أن امتناعه إنما كان لأجلها؛ أن
يقبل بفتوى الوالد الشيخ عبيد الجابري حفظه الله فيجيب بين يدي الله قائلا: لقد
أمرتني بالرجوع لأهل الذكر {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وقد أفتاني عبدك
العالم عبيد الجابري فأخذت بقوله، بل هذه فتاوى علمائنا في تحريم التعاون مع هذه
الجماعات جريا منهم على هدي سلف الأمة في مجانبة أهل البدع وانطلاقا منهم لقاعدة
شرعية عظيمة وهي سد الذرائع والتي قد يمنع فيها الواجب[8] فضلا عن المستحب صيانة
لدين أبنائنا من الانحراف مع هذه الجماعات!
وسالم الطويل يعلم جيدا
هذا الباب من سد الذريعة كما يعلم جيدا افتراس الجماعات لأبنائنا من هذه الحلقات
فيخالف ذلك متعمدا.
قال سالم الطويل: "إن كثيرا من أولياء الأمور من الآباء والأمهات
يفرحون باستقامة أولادهم وتدينهم وتوجههم إلى المساجد، وحق لهم ذلك لأنهم إنما
يرجون صلاح أولادهم وذرياتهم، ويأملون حسن تدينهم، رجاء استمرار أعمالهم وآثارهم
بعد مماتهم، ورجاء الانتفاع بدعواتهم الصالحة. غير أن هناك قطاع طرق يقفون على
الطريق، يخطفون فلذات الأكباد من المساجد والمدارس والكليات ويفسدون عقائدهم
وفطرهم باسم الدين والديانة والاستقامة! وربما بدأوا بهم بقراءة القرآن
وحفظه ليخلوا بأبنائنا في الصيف برحلات طويلة، وفي الشتاء في المخيمات، ويتم من
خلال هذه الفترة التأثير المركز على الشباب حتى يتمكنوا من إقناعهم بما يسمونه
«مشروع الجهاد». ومن ثم يتفاجأ الوالدان بسفر ولدهما إلى جهة غير معلومة، ومن ثم
يأتيهم الخبر المؤلم بأنه قد اعتقل، أو تأتيهم الفاجعة الكبرى بأن ولدهما قد قتل
في عملية انتحارية، أو استعمل بطريقةٍ ما درعا بشريا، أو ذهب بحادثة فدائية فضحى
بنفسه فوطئ على لغم مزروع، ونحو ذلك من المآسي التي نسمع بها بين الحين والآخر" ا.هـ[9]
وفي موضع آخر يمنع من
حلقات القرآن إذا كانت عند أهل التصوف والأشاعرة فقد سئل السؤال التالي: أحسن الله إليكم هذا سائل يسأل هل يجوز حفظ القرآن
الكريم عند الصوفي والأشعري؟
فأجاب: "لحد الآن أنتم ما وجدتم أهل سنة؟! ما شاء الله اليوم أهل سنة شباب، مشايخ،
طلبة علم، يحفظون كتاب الله، وعندهم أسانيد، وعندهم إتقان، طلبة علم، والله يا
إخوتي الكرام والله كل مكان فيه طلبة علم ما شاء الله على عقيدة، على استقامة، إيش
تبي بالصوفي هذا؟ إيش تبي بالأشعري؟، يعلمك القرآن راح تحبه، يعلمك القرآن
راح تحبه، تحب واحد هو صاحب عقيدة منحرفه؟!، ويدس لك ما يدس في عقيدتك؛ وكم من
إنسان يا إخوان من أهل الفطرة من أهل الفطرة جلس عند أهل البدع وإلا به الآن يدافع
عن أهل البدع، يدافع عن المبتدعة!، فلا يا أخي والله ما نأذن لك من
محبتنا لك أن تدرس عند صوفي، أن تدرس عند أشعري ولو قرآن، اتعب قليلا يا أخي،
واذهب إلى سني، إلى سني، الآن في كل مكان الحمد لله في شباب، في طلبة علم يحفظون
كتاب الله، ويتقنونه، ويدرسون الشباب، كلش كلش كلش يا أخي عندك اليوم والله وسائل إعلامية
عجيبة، في بعض الشغلات، بعض البرامج تكرر لك الآية خمسين مرة، طقها لو إنك إنت
يعني مخك وذاكرتك طين، تعرف الطين؟، يعني كأنه [...] خمسين مرة تحفظ يا أخي، أكثر
من الكاسكو؟ هذا إلي يسمونه حط له مسجلة: الله أكبر، الله أكبر، ما توعيت إلا
يقول: الله أكبر، يعني إنت مخك يعني إنت مش كاسكو؟ إنت إنسان، حط لك جهاز خله يكرر
يكرر لما تحفظ، يا أخي ليش رايح عند الصوفي؟ لما الحين تحبون الصوفي؟ إنتوا
لا تخلوني أعصب، اشتبون بالصوفية هذولي؟، هذولي والله العظيم على غير
السنة، على غير سنة رسول الله، اتركوهم" ا.هـ[10]
فها أنت يا سالم منعت من
حلقات القرآن عند تلك الجماعة والأشعري والصوفي فما سيكون جوابك بين يدي الله وأنت
تمنع من قراءة كتاب الله العظيم كما تسألنا؟!، وهل لديك دليل خاص من كتاب الله
وسنة نبيه يحرمان حفظ القرآن عند تلك الجماعة وذاك الأشعري والصوفي كما طالبت به الشباب
مشغبا ومعاندا لما نصحوك؟!
وبذلك تعرف بطلان إلزام
سالم الطويل للشيخ محمد العنجري في لقائه المنشور في ديوان البوص في قوله:
"فالشيخ العنجري لا يجيز قراءة القرآن في حلقة مسجد نسائية تابعة لجمعية
إحياء التراث وأنكر علي قولي بالجواز فإذا سألته لماذا لا يجوّز؟ قال: حتى لا
تخالط المبتدعة وتتأثر بهم والسلف قالوا وقالوا، فإذا قلت له: وهل هؤلاء
مبتدعة أو هل تبدعهم؟ قال: لا، لا أبدعهم! فهذا التناقض بعينه يطبق عليهم أحكام
المبتدعة ولا يبدعهم، وكان العدل إما أنهم مبتدعة فتطبق عليهم أحكام المبتدعة أو
ليسوا مبتدعة فلا تنطبق عليهم أحكام المبتدعة " ا.هـ
فكما تدعوا لترك حلقات
تلك الجماعة وحلقة الأشعري والصوفي ولم يلزمك بذلك تبديع أعيانهم؛ فكذا الشيخ عبيد
الجابري والشيخ محمد العنجري دعوا لترك حلقات التراث ولا يلزمهم تبديع أعيانهم.
ومن تقريرك في مقالك
السابق وإجابتك للسائل لنا أن نسألك فنقول:
لم لا توجه السائل فتقول:
ألا تجد غير التراثي لتحفظ عنده القرآن؟ أليس في أهل السنة كفاية؟
أليس يا سالم إذا حفظ
الشاب القرآن عند التراثي فإنه سوف يحبه على عقيدته المنحرفة وقد يدس له ما يدس من
عقيدته كالتكفير والخروج ومنازعة الحكام والتهييج عليهم والتمجيد والتبرير لأهل
البدع وغير ذلك من مسائل الجهاد والتفجير -التي تخوفتها على أبناء الأسر في
مقالك-؟
وكم من إنسان ابتدأ مع
التراث في حلقة قرآن فانتهى به الحال إلى أن صار منهم مدافعا عنهم؟ وهذا ما يفسر
لنا حرص هذه الجماعات البدعية على مثل هذه الحلقات التي ما هي إلا حبائل لهم
لاقتناص أبنائنا وشبابنا بل ونسائنا كما قررته بنفسك في مقالك في حق تلكم الجماعة!
ألم تحسن أن تنصح النساء
بلزوم بيوتهن واستخدام هذه البرامج التي ذكرتها لحفظ كتاب الله بدل الذهاب لحلقات
التراث التي جندت العديد من النساء لجمع التبرعات والدعوة إليها وجمع الأصوات
النسائية الانتخابية فتمكنوا من بلوغ النساء المصونات في خدورهن؟
لقد استنكرت على السائل
مقررا أن ذهابه لحلقات الصوفية دليل أنه يحبهم فقلت: "يا أخي ليش رايح عند الصوفي؟ لما الحين تحبون
الصوفي؟" فهل بدعوتك لحلقات التراث تكون داعيا لمحبتهم؟!، أليس في حضورها
أيضا محبة لهذه الجمعية البدعية؟
وقررت للسائل وأنت تقسم يمينا أن سبب منعك من حلقاتهم
أن هؤلاء الصوفية والأشاعرة على غير السنة -وهذا حق- فهل جمعية التراث على السنة
لتجوز حضور حلقاتها؟
وهنا يتضح لكم أن سالما في هذا الأمر متناقض فتارة
يراها جمعية إخوانية منحرفة عن المنهج السلفي واليوم يصرح بأنها جمعية وجماعة سنية.[11]
بل التحزب الذي كان يسميه انحرافا عن المنهج
السلفي والذي يشهد به على جمعية التراث؛ صار يجمعه مع السنة فلا تخرج السني من
دائرة أهل السنة كما في مقاله (تبرير الطوام بحجة أنهم عوام 3-5) فيقول:
"يقدم كل طوائف المجتمع [يعني بذلك الشيخ محمد العنجري] حتى المخالفين له
بالعقيدة على أهل السنة المتحزبين" فأثبت لهم وصف السنة رغم
تحزبهم!
وصلى الله وسلم على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] - والكلام
في هذه الحلقات متوجه لحلقاتها التي تحت إشرافها وتأسيسها وأجندتها ولا وجه لمثال
سالم الطويل وتلبيسه بمدرس مبتدع في هيئات حكومية لا تندرج تحت أنشطة الجماعات
الضالة والتي أفتى علماؤنا بجواز الدراسة فيها كالجامعات وغيرها مما لا يكون
للدراسة فيها فرض لأجندتهم الحزبية أو تكثير لسوادهم أو تقوية لدعوتهم.
[3] - سيأتي
نقل ذلك عن سالم الطويل والكلام فيما قاله في وقفات قادمة ومناقشة عبدالله
العبيلان في ذلك لتأييد سالم الطويل له وإرسال كلام العبيلان لبعض الفضلاء آمرا
بالانتفاع منه راجيا من الله الهداية بقول العبيلان هذا وسيأتي ما فيه من الطعن
بعلمائنا وسائر أقواله الباطلة.
[8] - كما في حديث ثابت بن الضحاك -رضي الله عنه- قال:
« نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال هل كان فيها
وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا. قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا:
لا. قال: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء بنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم »
فلو كان فيها شيء من ذلك لحرم رسول الله الوفاء بهذا النذر الواجب سدا لذريعة
الشرك.
