الجمعة، 3 يناير 2014

" منهج العلامتين الربيع والعثيمين، تعيين الدعاة المخالفين، ورد عدوان سالم الطويل، وطلابه العابثين "

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد :

إخواني الأفاضل، لازال الاعتداء على منهج العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - مستمرا، فأعادوا الكرة في باطلهم لحماية شيخهم، فنشروا ردا آخر بعد أن فضحوا في ردهم الأول، بعد البيان المفصل أن منهج الإمام ابن عثيمين موافق لمنهج إخوانه كالإمام ربيع المدخلي - حفظه الله - ، وهو منهج أهل السنة والجماعة قاطبة في تعيين الدعاة إلى مخالفاتهم، ولو كان البحث في إثبات منهج السلف في التعيين لسقنا الأدلة الكثيرة، ولكن البحث هنا لإظهار بطلان اختلاف مناهج علمائنا الكبار في معاملة دعاة البدع ومخالفة السنة.

تمهيد :
ومن باب التمهيد بين يدي القارئ الكريم؛ فقد تكلم سالم الطويل في جلسة بريطانيا المسجلة بقوله : " الشيخ ابن عثيمين ما كان حتى يذكر اسم، حتى الناس المعاصرين له والذين قد ينتقدهم بأشياء ما يذكر الاسم، يقول بعض الناس يقولون ... " ا.هـ

ثم أكد هذا الكلام مؤخرا في مقالته التي يرد فيها على الشيخ المكرم أحمد بازمول – حفظه الله - بعنوان " بل الله يزكي من يشاء " فقال : " الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - علمه مبثوث في كتبه وأشرطته؛ فهو يرد ردوداً علمية كثيرة تأصيلية جميلة نافعة لكن لم يكن يرد على أحد باسمه ... " ا.هـ

فرددت مع إخواني هذه الدعوى منه - هداه الله – في مقطع خاص مستشهدين بردود الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في تعيين بعض الناس مع استشهادنا بصريح قوله في وجوب تعيين الدعاة المخالفين وبيان أن منهجه ومنهج العلامة ربيع المدخلي واحد في التأصيل.
كما في : هذا الرابط  

فلم يرق لهم إثباتنا أن منهج العلامة ابن عثيمين تعيين الدعاة المخالفين، وأثارهم ردنا بصوت العلامة دعوى سالم الطويل فيما نسبه إلى مذهبه – رحمه الله - ، فردوا علينا بكلام للعلامة ابن عثيمين – رحمه الله - ، بينت لهم أن هذا الكلام إنما يكون في أهل السنة ، وكانوا قد اقتطعوا منه كلام السائل الذي يبين أن المقصود من هذا السؤال هو عبدالرحمن عبدالخالق !

فادعوا أني كذبت على منهج العلامة ، وأصروا على نسبة هذا المذهب المخالف لأهل السنة لمذهب العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – ، بحجة أن عبدالرحمن عبدالخالق من دعاة أهل البدع ، وقد قرر العلامة فيه عدم التعيين.
فردوا علي بهذا المقطع – هداهم الله -: انظر الرابط

فالجواب على ما أوردوه من وجوه :

أولا : مازلتم تتهربون من تفسير ما نشرناه من صريح قول الشيخ ابن عثيمين في موضعين من أشرطته ، في أن الداعي إلى بدعته والذي يتوجه له الناس لابد من تعيين اسمه ، وإلا فكيف يحذره الناس ؟

وتقرير الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – هو بعينه تقرير ما جرى عليه السلف، كما قال عبد الله بن الإمام أحمد : قلت لأبي : ما تقول في أصحاب الحديث يأتون الشيخ لعلّه يكون مرجئاً أو شيعيّاً أو فيه شيء من خلاف السنة ، أينبغي أن أسكت  فلا أحذر عنه أم أحذر عنه ؟ قال : " إنْ كان يدعو إلى بدعةٍ وهو إمام فيها ويدعو إليها، قال : نَعم تُحذّر عنه " ا.هـ  [ مسائل عبدالله : ص 439 / طبعة المكتب الإسلامي]

وقوله : " وهو إمام فيها " هو عين ما يعبر عنه ابن عثيمين بقوله : " يتوجه إليه الناس "
فسبحان الله ! مشرب واحد لعلماء السنة، فالعلامة ابن عثيمين يعبر بمثل ما عبر عنه إمام أهل السنة أحمد في جميع السياق، لأنهما ينطلقان من مشكاة واحدة.

ثانيا : مازلتم تتهربون مما نقلناه من كلام شيخ الإسلام في أن الأصل في مذهب الرجل أن يؤخذ من قوله الصريح، وليس من قوله المجمل، أو فعله المحتمل.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " وبالجملة فإذا كان المسند المحفوظ المعروف من قول الجنيد أنه رحمه الله لا يحمد هذا السماع المبتدع، ولا يأمر به، ولا يثني عليه، بل المحفوظ من أقواله ينافي ذلك، لم يجز أن يعمد إلى قول مجمل روى عنه بغير إسناد، فيحمل على أنه مدح هذا السماع المحدث، وقد روى بعض الناس أن الجنيد كان يحضر هذا السماع في أول عمره ثم تركه، وحضوره له فعل، والفعل قد يستدل به على مذهب الرجل وقد لا يستدل، ولهذا ينازع الناس في مذهب الإنسان هل يوجد من فعله، وقال بعض السلف : أضعف العلم الرؤية، وهو قوله : رأيت فلانا يفعل، وقد يفعل الشيء بموجب العادة والموافقة من بعد اعتقاد له فيه، وقد يفعل نسيانا لا لاعتقاده فيه أو حضا، وقد يفعله ولا يعلم أنه ذنب ثم يعلم بعد ذلك أنه ذنب ثم يفعله وهو ذنب، وليس أحد معصوما عن أن يفعل ما هو ذنب، لكن الأنبياء معصومون من الإقرار على الذنوب، فيتأسى بأفعالهم التي أقروا عليها، لأن الإقرار عليها يقتضي أنها ليست ذنبا، وأما غير الأنبياء فلا، فكيف بمن يكون فعل فعلا ثم تركه ؟ ، وأقصى ما يقال إن الجنيد كان يفعل أولا هذا السماع على طريق الاستحسان له والاستحباب أو يقول ذلك، فيكون هذا لو صح معارضا لأقواله المحفوظة عنه، فيكون له في المسألة قولان " ا.هـ [ الاستقامة : 1 / 401 - 402 ]

كما فعل سالم الطويل في نسبة مذاهب إلينا منها ( التبديع لكل من وقع في بدعة ) - مما يعرف بطلانها صغار الشباب - في سلسلة مقالاته ( وجاء خطر التبديع ) ، لا تستغربوا العنوان ! ، فهو لا يعني الحدادية، إنما يعني به السلفيين أمثال الشيخ محمد العنجري – حفظه الله - !

مع اعترافه لي بإفلاسه من الحجج المسموعة والمكتوبة في نسبة التبديع لنا، ويعلق ذلك بفهمه من بعض المواقف التي يظنها تخدم دعواه، فيفسرها بما يخدم عداءه للسلفيين، ورسائل اعترافه عندي محفوظة.


وقد جاء من كلام العلامة ابن عثيمين ما يطابق كلمة شيخ الإسلام، فهو يصلح أن نقول فيه رد العلامة ابن عثيمين على من نسب إليه منهج عدم التعيين من فعل محتمل أو قضية عين، فيقول – رحمه الله – : " قضايا الأفعال لا تطلب منها تعليل، لأن القضايا العينية قد يكون فيها ملابسات معينة يمكن أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – رآها، ... فقضايا الأعيان لا ترد على عموم الأقوال، لأنه قد يكون هناك ملابسات أشياء يعرفها الناس في وقتها، توجب أن يتغير الحكم، ولهذا ربما يمر بك كثيرا في كتب أهل العلم يقولون : هذه قضية عين، وهذه اجعلها على بالك، الأقوال صحيح إذا كان ظاهرها التعارض لازم محاولة الجمع " ا.هـ [ شرح كتاب الصلاة من صحيح مسلم : شريط 4 الوجه ب ]

وسأبين لاحقا كيف حكم هؤلاء في منهج الشيخ قضية عين في عبدالرحمن عبدالخالق، في وقت وتعليل أوجب تغيير الحكم، فحكموه على صريح قول الشيخ في تعيين دعاة البدع، بل وتعيين عبدالرحمن عبدالخالق!

ولا يفهم من كلام شيخ الإسلام الاعتذار لأهل الأهواء في مخالطتهم أهل البدع، فإنما نقول : فعل محتمل مع قول مفصل وصريح في الحق، وقد مات صاحبه فليس لنا لمعرفة الراجح من هذه الاحتمالات سبيل، أما هؤلاء فيمالئونهم بصريح الباطل قولا وعملا، فإذا بينا لهم عاندوا، واتبعوا أهواءهم.

والعجيب أن طلاب سالم الطويل وقعوا في مثل منهج شيخهم الجائر – ولا غرابة - ، فنسبوا إلى العلامة ابن عثيمين قولا دون تدبر في القيود التي اشترطها، فأوهموا الإجمال في هذا القول، معرضين عن صريح قوله التأصيلي لمذهبه في المخالفين الدعاة، مع تطرق الاحتمال لموقف الشيخ هنا مع عبدالرحمن عبدالخالق، فقد يكون عده من أهل السنة آنذاك - وهو كذلك - كما سنبينه لاحقا.

ومن فوائد كلام شيخ الإسلام هذا بيان خطأ من نسب لبعض العلماء جواز الإنكار العلني على الولاة ببعض أفعالهم، مع مخالفتها لصريح أقوالهم، وليسوا بمعصومين عن الخطأ في تطبيقاتهم كحال الأنبياء، فلا يستدل بها على مذاهبهم إذا جاء صريح قولهم في النهي، مع إنكارنا للخطأ الصادر منهم كما أمرنا ربنا.



ثالثا : مازلتم تتهربون مما نقلناه من أمثلة يصرح فيها الشيخ بالتحذير من أشخاص بأسمائهم، كسيد قطب، وطارق السويدان، وسلمان العودة، وسفر الحوالي، ومما لم ننقله : عدنان عرعور، ومحمد المسعري، وعبدالرحمن عبدالخالق  !

بل وقد ورد من هدي الشيخ إذا سئل عن مقولة باطلة أن ينكر القول، ويزيد على ذلك جرح القائل، وإن لم يسمه، لكنه معلوم العين عند السائل، مع علمه بأن السائل سيتمثل هذه الفتوى في الأعيان، ولم يمنعه ذلك من جرح القائل، كقوله في بعض مقالات المغراوي أنه تكفيري، ومقولة عبدالرحمن عبدالخالق لما عرضت عليه قال كذاب يحذر منه، فلما راجعه السائل بعد ذلك عينه بالتحذير، وغير ذلك، وهذا هدي ثالث للشيخ في التعيين.
وتمسكتم بإعراضه ( في زمن ! ) عن التحذير من عبدالرحمن عبدالخالق بشخصه، فغلبتم هذا الموقف على غيره.
فهل هذه دربة أهل الإنصاف، ومن يبحث عن الحق ؟!

دعوكم من التشغيب، بقول أن هذا إنما كان فيما يسأل فيه الشيخ، فالتعيين من قبل السائل وليس الشيخ !
فنقول : فماذا كان ؟ ألم يعين الشيخ بعد ذلك ؟ ولو كان من منهجه فلم لم ينكر الشيخ على السائل التعيين ؟!

رابعا : إذا لم تقنعوا بالنقلين السابقين الصريحين في إثبات منهج الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – في التعيين، فأين ستذهبون أيضا من هذه النقولات ؟
وكلها من أشرطته في لقاءاته، وشروحاته في الفقه، والحديث، والتفسير، وغيرها، تطبيقا، وتأصيلا، فكيف يدعي سالم الطويل أنه لم يعين أحدا باسمه في أشرطته ؟!

قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – في إجابة سؤال : رجل مبتدع داعية إلى بدعة هل يجوز أن أذكره وبدعته عند الناس ؟ : " إي نعم تحذر منه نصحا لله ورسوله " ا.هـ [ تفسير سورة النساء : شريط 40 الوجه أ ]

وقال أيضا : " ويتفرع من ذلك أن الإنسان لو اغتاب شخصا داعية سوء، وعينه باسمه ليحذر الناس منه، فإن هذا لا بأس به، بل قد يكون واجبا عليه، لما في ذلك من إزالة الخطر على المسلمين، حيث لا يعلمون عن حاله شيئا " ا.هـ [ نور على الدرب : شريط 158 – الوجه أ ]

وقال أيضا في إجابته عن سؤال : أصحاب البدع الذين يروجون بدعتهم هل يجوز للإنسان أن يتكلم فيهم، ويبين للناس، ورغم أنهم يتقنون العلم، وهم تواب أولياء ؟ فأجاب : " دعاة البدع يجب أن يبين أمرهم للناس وأن يحذر الناس منهم وأن يبين للناس أنه لا يحملهم أن يغتروا بظاهر حالهم وإلا لو سكتنا لانتشرت البدعة وانتشر الشر فالواجب بيان حالهم " ا.هـ [ شرح بلوغ المرام : شريط 11 ]

وتكلم الشيخ أيضا في داعية الفتنة محمد المسعري، في إثارته على الولاة من الأمراء والعلماء في منشوراته، وقد صرح بالتحذير منه بشخصه، وأن هذا ليس من الغيبة، بل من النصيحة، فذكر الإنسان بما يكره نصحا للمسلمين من النصيحة والخير.
فقد سئل الشيخ – رحمه الله - : " فضيلة الشيخ غفر الله لنا ولك، قام أحد الإخوة بإلقاء كلمة عن الغيبة، وحذر من الغيبة، وحذر مما يقوم به محمد المسعري من هذه النشرات الباطلة، فقام أحد الناس فرد عليه، وقال فعلك هذا غيبة لهذا الشخص، فهل هذا الشخص صحيح ؟ ثم هل صحيح ما [...] ذكره عنكم من أن هذا الشخص المسعري ليس له عرض، وليس له غيبة، فقد نقل ذلك إلينا، فنرجوا التثبت من هذا الشيء ؟
فقال الشيخ : أما من حذر من الغيبة، ومن نشرات الرجل الذي ذكرته، فلا شك أنه محق، والغيبة النهي فيها موجود في كتاب الله : { ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } فهو على حق، وأما من قال له : إن ذكرك هذا الرجل الذي ينشرها من الغيبة أيضا، فنقول له : إن ذكر ذلك ليس من الغيبة، بل هو من النصيحة، وذكر الإنسان بما يكره نصحا للمسلمين من النصيحة والخير، أليس النبي – صلى الله عليه وسلم – حين جاءته فاطمة بنت قيس تستشيره تقول : إنه خطبها معاوية، وأبو جهم، وأسامة بن زيد، أليس قد قال لها – عليه الصلاة والسلام - : أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فضراب للنساء، انكحي أسامة ؟ فذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – الرجلين بما يكرهان بلا شك، لكن لإيش ؟ لأي شيء ؟ نصيحة.
فإذا كان ذكرنا هذا الرجل الذي يثير الفتنة بين الناس، وينشر معايب العلماء، ومعايب ولاة الأمور، إذا كان ذكرنا له على سبيل النصيحة، وتحذير الناس منه، فهذا خير، وهو مما يتقرب به العبد إلى ربه، والنهي عن ذلك - أي عن التحذير من هذا الرجل - نهي عن الخير، ونهي عن النصيحة، وأنا أرى، أنا أرى أن يترك هذا الرجل، أن يترك هذا الرجل، وأن لا يكون مثارا للجدل بين الشباب، وبين الناس، وكما قيل في المثل : " إذا جاءك البئر بريح " فإيش ؟ " فسده تستريح " ولا ينبغي أن يكون مثل الرجل - هذا فيما أظن - أنه إذا لم تحصل الكلمات الكثيرة فيه فستنطفئ ناره، وإلا ستنطفي بإذن الله، كما قلنا فيما سبق : إن الله لا [....] الظالمون، وإن الله لا يصلح عمل المفسدين " ا.هـ
اسمع من : هذا الرابط

وقال أيضا في الفاسق المجاهر بفسقه : " المنكر إذا أعلن فيجب إنكاره علنا، لكن هل يجب تعيين الشخص القائم به ؟ فهذا ينظر فيه إلى المصلحة، إذا اقتضت المصلحة أن يعين الشخص من أجل أن يرتدع عما هو عليه من المنكر فليذكر، وإذا كانت المصلحة تقتضي أن يعمم القول وأن يقال : يوجد من الناس من يفعل كذا، أو ما بال أقوام يفعلون كذا، أو ما أشبه ذلك، فهو أحسن، فالمهم المنكر إذا أعلن يجب إنكاره علنا، لكن تعيين الفاعل ينظر فيه إلى المصلحة، أما التحذير من هذا الفاعل سرا خوفا من أن يفتتن به الناس أو يغتر به الناس فهذا واجب " ا.هـ [ سلسلة لقاء الباب المفتوح : شريط 54 الوجه أ ]


كما سئل أيضا عن : " رجل صاحب طريقة من طرق الصوفية يرى التصوف ويقيم بعض البدع ، إلا أن هذا الرجل يساعد في إقامة أعمال الخير ، فمثل هذا الرجل إذا أُنكِرَ عليه بدعته وشُهِر بين الناس ؛ انقطع عن مساعدة أهل البر وأهل الخير، فما رأيكم يا شيخ؟
فأجاب : هل هذ الرجل مؤثر في دعوته؟
السائل : نعم، يا شيخ يدعو إلى بدعته.
الشيخ : إذن أيهما أعظم : الفقر، أو الضلال؟
السائل : الضلال.

الشيخ : الضلال أعظم، فيجب إن كان هذا الرجل داعية ومؤثرًا أن يُحذَّرَ منه ؛ حتى لو قَطَع هو إحسان نفسه فإنما حَرَم نفسه، أما أن يبقى يُضل عباد الله من أجل أن يكسب من ورائه درهمًا أو درهمين ، لا يمكن ". [ لقاء الباب المفتوح : 266 السؤال: 7 ]

فكل هذه الأحوال التي يستثنيها الشيخ في تعيين المخالفين لا يذكره هؤلاء من منهج الشيخ وينسبونه إلى عدم التعيين مطلقا كما فعل سالم الطويل بل وينسبونه إلى عدم تعيين الدعاة لمخالفاتهم كما فعل طلابه في الدفاع عن شيخهم وهذا من العبث في منهج الشيخ ونسبته لمخالفة أصول السنة.

وقال أيضا: " الشيخ ربيع من علماء السنة ومن أهل الخير وعقيدته سليمة ومنهجه قويم لكن لما كان يتكلم على بعض الرموز عند بعض الناس من المتأخرين وصفوه بهذه العيوب " ا.هـ
اسمع من : هذا الرابط 

فيستفاد من هذا الكلام أمران مهمان :
الأول : تأييد ابن عثيمين لمنهج التعيين في الرد على المخالفين، وتصويبه لهذا المنهج، فلا حاجة لنا لشنشنة المشوشين أمثال سالم الطويل، وطلابه، في نسبتهم إلى مدرسة ابن عثيمين عدم التعيين مطلقا.
الثاني : تأييد ابن عثيمين لمنهج التعيين في الرد على المخالفين من منهج الشيخ ربيع، وهذا يدلنا على أنهما مدرسة واحدة في الرد على المخالفين الدعاة، - واختلافهم في التطبيق كماً كاختلافهم في سائر العبادات والتخصصات فمقل ومستكثر - فلا حاجة لنا بما يدعيه سالم الطويل من اختلاف المدارس، ودعواه إكمال مدرسة الشيخ ابن عثيمين بمدرسة الشيخ ابن باز أو الشيخ ربيع.

خامسا : من التدليس الذي سلكتموه في ردكم دعواكم أني رميتكم بالبتر في مقطع الشيخ الذي نشرتموه!

وهذا ليس بصحيح، فإنما رميتكم بالبتر في نقلكم من مقطعنا الذي نشرناه، فما زلتم مصرين على البتر أعاذنا الله من ذلك.

فقلتم فيما نشرتموه : " وهذا لا يتعارض مع منهج الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والذي ارتضاه لنفسه إذ أن جميعها أسئلة وجهت إليه والطريف أن من تلك المقاطع – يعنون المقاطع التي نشرناها - ما يبين منهج الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حيث قال للسائل : ( التعميم أحسن من التعيين ) " ا.هـ
كما في : هذا الرابط الذي نشروه

بل الطريف هذا التلاعب الذي قمتم به، فتفضلوا رعاكم الله كلام ابن عثيمين الذي جردوه من تفصيله السابق، وتقييده اللاحق، والذي يكشف خلاف ما يدعونه من منهج ابن عثيمين فقاموا ببتره !

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - : " إن كان هذا الرجل موجودا، والناس يأخذون منه، وهو داعية، فلابد من ذكر اسمه، وإلا فلا حاجة، اذكر القول الذي ضل فيه، وبين أنه ضلال، وكما قلت لك قبل قليل؛ أن التعميم أحسن من التعيين، أما إذا كان موجودا، وأكثر الناس ينتابونه، ويأخذون من بدعه، فهنا قد نقول : إن تعيينه متعين " ا.هـ
هل عرفتم البتر المقصود ؟ وهل يفعل ذلك رجل يخشى الله واليوم الآخر ويبجل العلامة ابن عثيمين ؟!

سادسا : هذه صاعقة بحق، ولكنها تصعق المتعصب للرجال ولو أن يرد الحق !

إنها تصعق المتعصب للرجال ولو على حساب رمي العلامة ابن عثيمين بالقصور في مدرسته، بل ومخالفة أصل من أصول أهل السنة، وهو وجوب تعيين الداعين من أهل البدع، والمخالفين بأسمائهم ليحذرهم الناس!

ولكنها كالماء الفرات السلسبيل لصاحب السنة، المتجرد من التعصب للرجال، يفرح بموافقة وائتلاف مدارس علمائنا في تعيين المخالفين، وموافقتهم لمنهج السلف الصالحين.

هل يبلغ بكم التعصب لسالم الطويل أن تنشروا مقطعا قديما للشيخ، السائل فيه يثني على عبدالرحمن عبدالخالق ؟! ، ويجيب الشيخ بجواب آنذاك كان محنة للسلفيين وحجة لهؤلاء على أهل السنة !

ولكن ربنا في السماء حكيم، يوفق عباده وأوليائه من العلماء الراسخين، فيظهر لهم حال من أحسنوا به الظن في وقت من الأوقات.

فقد وفق الله بمنه وكرمه عالمنا وإمامنا ابن عثيمين ليأمر صراحة بالتحذير من عبدالرحمن عبدالخالق بشخصه، ووصفه بالكذاب، وعلق ذلك بثبوت الكلام المنقول عنه، ولله الحمد فهو ثابت يعرفه السلفيون عنه!
فقد سئل العلامة ابن عثيمين – رحمه الله - : " شيخ ابن عثيمين ؟
الشيخ : نعم
السائل : يا شيخ سمع لك شريطا مسجلا عرض فيه عليك كلام الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق بدون ذكر اسمه فبعد المقالة قلت أنه كذاب ويحذر منه والآن يا شيخ أريد أن أقرأ عليك المقالة لو تكرمت، ممكن يا شيخ ؟ طيب يقول يا شيخ : " والعجب كل العجب أن بعض هؤلاء التلاميذ – تلاميذ الشيخ محمد عبدالوهاب – أعطوا لأئمة من أشباه المسلمين حقوقا لم تعط للصديق ولا الفاروق ولا عرفها المسلمون في كل تاريخهم ولا دونها حسب علمي عالم موثوق في شيء من كتب العلم وهو أنه لا يجوز أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا بإذن الإمام ولا يجوز رد عدوان على ديار الإسلام إلا بإذن السلطان وهؤلاء للأسف أعطوا للحاكم صفات الرب سبحانه وتعالى فالحق ما شرعه والباطل ما حرمه وما سكت عنه يجب السكوت عنه وعندهم أن ما أهمله الحاكم من أمر الدين ومصالح المسلمين فيجب على أهل الإسلام إهماله والتغاضي عنه حتى لا يغضب أمير المؤمنين " ما رأيكم يا شيخ ؟
الشيخ : من يقول هذا الكلام ؟!
السائل : الشيخ عبدالرحمن في مجلة الفرقان العدد الرابع عشر
الشيخ : ما يقول يا رجال، ما يقوله !
السائل : أنا أقرأ عليك الآن من مجلة الفرقان
الشيخ : يمكن مدسوس عليه !
السائل : لا، لا، ونشره في كتابه أصول العمل الجماعي، لكن إن ثبت عنه يا شيخ هذا الكلام هل أنت على موقفك أنه كذاب ويحذر منه ؟
الشيخ : إن ثبت عنه بارك الله فيك فإن له موقف ثان
السائل : بس الشباب الآن يقولون هذا الشيخ ابن عثيمين خدع ويجب أن نزوره ونتأكد من هذا الأمر
الشيخ : أبد، أبد، أنا على رأيي ما أحد يقول هذا الكلام إلا الكذاب يثبت عليه بس
السائل : جزاك الله خير يا شيخ " ا.هـ
لسماع المادة اتبع هذا الرابط

فأين ما تزعمون وشيخكم من منهج ابن عثيمين عدم تعيين الأشخاص مطلقا ، دون تفصيل أهل السنة قاطبة؟!

فها نحن أثبتنا أنه أمر بالتحذير من عبدالرحمن عبدالخالق بشخصه، فذهبت حجتكم مهب الريح، وصارت حجة عليكم كمثال جديد لتعيين ابن عثيمين للمخالفين!

سابعا : لقد جاء من كلام الشيخ صريحا في تعيين الداعية إلى البدعة، ونحن وأنتم لا نشك في أن عبدالرحمن عبدالخالق من رؤوس الدعاة للبدع.

وليستقيم استدلالكم ونحن في صدد إثبات أو رد دعوى نسبت لمنهج الشيخ ابن عثيمين - وليس لمنهجنا نحن فنراعي ما استقر لدينا من حال عبدالرحمن عبدالخالق - فأنتم بحاجة إلى أن تثبتوا أن حال عبدالرحمن عبدالخالق في وقت السؤال عند الشيخ من دعاة البدع الذين يغتر بهم الناس، ورغم ذلك يأمر بعدم تعيينه !

ثامنا : لقد قررتم من هذا المقطع رغم أنه في عين عبدالرحمن عبدالخالق أن منهج الشيخ عدم تعيين أمثال عبدالرحمن عبدالخالق الداعي إلى البدع، فهل نقول أيضا بالمثل أن منهج الشيخ ابن عثيمين في أمثال عبدالرحمن عبدالخالق وسائر رؤوس الضلالة في عصرنا أن يقول فيهم مع علمه بحالهم – حاشاه - : له قدم صدق في الأمة الإسلامية، ويحمد على ما قام به من الخير، وأن يغتفر قليل خطئه في كثير صوابه، وأن إغفالنا لحسناته فيه شبه بالنساء كفارات العشير، وأنه يجب تقييمه بذكر محاسنه وسيئاته، كما قاله الشيخ فيما نقلتموه ؟

فإن قلتم : لا نقول بذلك ( فهو تفصيل لا يخفى على من له أدنى بصيرة أنه في العالم الراسخ من أهل السنة، صاحب المقدمات السنية، فيزل في مسألة، وله من الحسنات الكثيرة، وخدمة السنة ما يستوجب أن تكون لا شيء في بحرها )

فنقول : ما الفرق ؟ لم تنتزعون من قول الشيخ هنا عدم تعيين الدعاة ورؤوس الضلالة بزعمكم - معرضين عن تقريره الصريح المنقول في تعيين الدعاة - ثم لا تأخذون بسائر تقرير الشيخ في نفس السياق لتجعلوه في دعاة ورؤوس أهل الضلال؟!

فإن قلتم ولا جواب لكم غيره : أخطأ الشيخ فلم يعرف حال عبدالرحمن عبدالخالق آنذاك.

فنقول : إذاً أخطأ الشيخ - رحمه الله - إذ لم يعرف عبدالرحمن عبدالخالق آنذاك فظن أنه لا يستوجب التحذير منه باسمه، فعامله معاملة صاحب السنة، الإمام فيها، ثم جاء بعد ذلك أمره بالتحذير منه باسمه.

فقرر في حينه تقريرا عاما هو في أهل السنة غير الداعين للمنكرات أو البدع، لما ظنه كذلك، وأخذتم من هذا التقرير العام منهجا عاما للشيخ حتى في الدعاة، ضاربين بصريح قوله عرض الحائط !

تاسعا : قولنا - والله - في والدنا من مجددي هذه الأمة بأن منهجه منهج السلف الصالح من تعيين الدعاة من أهل البدع والمخالفين بل منهج نبينا في تعيين المخالفين والمخطئين لهو خير من قولكم في منهج ابن عثيمين، فزعمتم أنه ليس من منهجه تعيين الأسماء مطلقا، فيشمل الدعاة منهم – حاشاه وعافاه مما نسبتموه إليه -.

كما قرر شيخ الإسلام ذلك من منهج السلف في تعيين الدعاة بخلاف المتسترين فقال - رحمه الله - : "والتعزير يكون لمن ظهر منه ترك الواجبات، وفعل المحرمات، كتارك الصلاة، والزكاة، والتظاهر بالمظالم، والفواحش، والداعي إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة التي ظهر أنها بدع.
وهذا حقيقة قول من قال من السلف والأئمة أن الدعاة إلى البدع لا تقبل شهادتهم، ولا يصلى خلفهم، ولا يؤخذ عنهم العلم، ولا يناكحون، فهذه عقوبة لهم حتى ينتهوا، ولهذا يفرقون بين الداعية وغير الداعية، لأن الداعية أظهر المنكرات فاستحق العقوبة، بخلاف الكاتم فإنه ليس شرا من المنافقين الذين كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل علانيتهم ويكل سرائرهم إلى الله مع علمه بحال كثير منهم، ولهذا جاء في الحديث ( إن المعصية إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها، ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة ) وذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الناس اذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ) "  ا.هـ [ المجموع : 28 / 204 ]

عاشرا : يزعم سالم الطويل أن التفريق بين مدرسة ابن عثيمين ومدرسة ربيع ليس بطعن، فيقول مستنكرا في لقاءه الأخير : هل هذا طعن ؟!
نعم يا سالم، ما جاء في لقائك طعن، بل هو طعن في المدرستين جميعا !
فالكلام هنا ليس في مدارس فقهية شأن المذاهب الأربعة، بل الكلام هنا في هدي السلف من تعيين المخالفين الداعين لمخالفاتهم بأسمائهم ليحذرهم الناس.
فقد أسأت كثيرا في حق الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – والشيخ ربيع، مهما كابرت وتنكرت من ذلك ورميتنا بالبتر والتحريف !
فأنت تصور هذا الإمام أنه يتورع عن ذكر المخالفين مطلقا، كما تصور الشيخ ربيعا ومجالسه بأنها من ثلاث سنين إلى حجك هذا العام يقول فيها ( الحلبي ) ( المأربي ) ، وبلهجة ساخرة لا تعبر عنها حروف هذه الأسطر، فأرجو من القارئ لزاما سماعه بصوته!
اسمع من : هذا الرابط

ووجه الطعن؛ أن الورع والله في هدي السلف من ذكر أسماء المخالفين ليحذرهم الناس، وهذا الورع هو الذي تنفيه عن الشيخ ابن عثيمين، ثم تقول ليس بطعن !
لما تورع محمد بن بشران الجرجاني بقوله : " قلت لأحمد بن حنبل : يا أبا عبدالله، إنه ليشتدُّ عليّ أن أقول : فلان كذّاب، وفلان ضعيف ؟ " أنكر عليه أحمد فقال : " إذا سَكتَّ أنتَ وسكتُّ أنا فمتى يَعرف الجاهل؛ الصحيح من السّقيم ؟! ". [ الجامع لأخلاق الراوي للخطيب : 1642 / طبعة الرسالة ]
فأرشده أحمد إلى الورع الحقيقي من نصح الأمة ولم يقره على هذا الورع الذي تنسبه أنت للشيخ ابن عثيمين!

كما أنك تصور الإمام ابن عثيمين بالتقصير في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعدم ذكر أسماء المخالفين الداعين لمخالفاتهم على افتراض علمه بحالهم واطلاعه على أقوالهم، فيكون هذا طعنا في الشيخ رحمه الله !

كيف وقد نقلنا من قول الشيخ نفسه أن هذا واجب متعين، فتنفي عن الشيخ القيام بهذا الواجب ؟!
وقد نقلنا من بعض مواقفه ما يرد دعواك من عدم التعيين مطلقا، ونقلنا من صريح قوله الأمر بالتعيين، ووجوبه، وبينت أن قلة أو كثرة التعيين عند العلماء راجع إلى اختلاف تخصصاتهم، وتفرغهم للاطلاع على أحوال المخالفين، وليس راجعا إلى ما يصوره سالم الطويل من نسبة مذاهبهم إلى عدم التعيين، وأن ما ورد من كلام الشيخ في نفي التعيين إنما هو في غير الدعاة المخالفين، أو من يغتر بهم الناس وينتابونهم.


وقد سئل العلامة ربيع المدخلي – حفظه الله - : نريد أن نفهم المسألة التالية : إنّ من المعلوم أن علماء أهل السنة والجماعة متفقون على الرد على أهل البدع - والحمد لله - ولكن منهم من ذهب إلى الردّ على المعين ومنهم من ذهب إلى الردّ عليهم بصيغة العموم ؟
فأجاب : " هل هناك أحد من السلف التزم على أن لا يُرَدَّ على المعين وكان ينكر على من يردّ على المعينين ؟! هذا كلام فارغ, لكن العالم أحيانا يردّ بصيغة العموم إذا كان يرى ذلك نافعا ,فإذا رأى أنه يتعين عليه أن يبين هذا المعيّن ويفضح حاله ويبين انحرافه, فيحذِّر منه بالنّص وبالعين؛ كتابة وخطابة إلى آخره.
فهذا التقسيم غلط؛ يعني ادّعاء أن السلف لا يردون إطلاقا على المعينين أبدا طول حياتهم لا يذكرون شخصا معينا, هذا لا يوجد, هذا كذب على السلف بهذا الاعتبار, نعم هذا الشخص المعين أحيانا يعمم أحيانا يعين على حسب الحاجة وعلى حسب المصلحة " ا.هـ

فكيف يا سالم الطويل تدعي للعلامة ابن عثيمين - رحمه الله – هذا الكلام الفارغ ؟! وتدعي أنه بخلاف منهج السلف التزم عدم تعيين المخالفين مطلقا ؟!

وأخيرا أذكر سالما الطويل وطلابه بتقوى الله، والتراجع عما نسبوه إلينا من أكاذيب، وعما نسبوه للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - من مخالفة أصل من أصول السلف، وأدعوكم لترك الإصرار على الباطل، وأذكركم بقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال وليس بخارج " [ صححه الألباني كما في صحيح الجامع : 6196 ]
ردغة الخبال : عصارة أهل النار.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

كتبه أخوكم : جاسم الكوهجي